" لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ".
الذهاب إلى المسجد , وفيه عِدَّة سُنَن
وبما أنَّ صلاة الفجر هي أول صلاة في اليوم يذهب فيها الرجل للمسجد , فإنَّ للذهاب إليه أمورا يُسَنُّ أن يأتي بها:
1. يُسَنُّ التبكير بالذهاب إلى المسجد.
لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم- :
رواه البخاري برقم (615) , رواه مسلم برقم (437) .
والتهجير : هو التبكير للصلاة .
2. أن يخرج من بيته متطهراً ؛ لتكتب خطاه.
لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - :
"صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَصَلاَتِهِ فِي سُوقِهِ، بِضْعاً وَعِشْرِينَ دَرَجَةً , وَذلِكَ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ, لاَ يَنْهَزُهُ إِلاَّ الصَّلاَةُ, لاَ يُرِيدُ إِلاَّ الصَّلاَةَ , فَلَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلاَّ رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ , وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ , حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ , فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي الصَّلاَةِ مَا كَانَتِ الصَّلاَةُ هِيَ تَحْبِسُهُ , وَالْمَلاَئِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ , يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ , اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ , اللّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ , مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ , مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ ".
رواه مسلم برقم (649) .
3. أن يخرج إلى الصلاة بسكينة , ووقار.
لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال:
" إِذَا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ , وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ , وَلَا تُسْرِعُوا فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا , وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا ".
رواه البخاري برقم (636) , رواه مسلم برقم (602) .
قال النووي -رحمه الله -: " ... السكينة : التأنَّي في الحركات, واجتناب العبث، والوقار : في الهيئة كغض الطرف , وخفض الصوت , وعدم الالتفات". شرح مسلم للنووي, حديث (602) , باب استحباب إتيان الصلاة بوقار, وسكينة, والنهي عن إتيانها سعياً.
4. تقديم الرجل اليمنى عند دخول المسجد, وتقديم اليسرى عند الخروج منه.
لحديث أنس - رضي الله عنه - أنه قال :
"من السُّنَّة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى ، وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى "
رواه الحاكم (1/338) , وصححه على شرط مسلم.
5. أن يقول الذِّكر الوارد عند دخول المسجد, وعند الخروج منه.
لحديث أبي حميد , أو أبي أسيد قال: قال رسول اللّه - صلَّى الله عليه وسلَّم- :
" إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ، فَلْيَقُلِ: اللّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ , وَإِذَا خَرَجَ ، فَلْيَقُلِ: اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ ".
رواه مسلم برقم (713)
6. أن يُصلِّي ركعتين تحية للمسجد.
وهذا إذا جاء مبكراً للصلاة , فإنه يُسَنّ له ألّا يجلس حتى يصلِّي ركعتين ؛ لحديث أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم- :
" إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ.".
رواه البخاري برقم (1163) , رواه مسلم برقم (714) .
ويكفي عن تحية المسجد السُّنَّة القَبْلِية للصلاة إن كان لها سُنَّة قبلية كالفجر, والظهر , أو سُنَّة الضحى إن دخل المسجد ضحى , أو الوتر إن صلَّاه في المسجد , أو الفرض ؛ لأن المقصود من تحية المسجد : ألَّا يجلس حتى يُصلِّي ؛ لِمَا في ذلك من عمارة المساجد بالصَّلاة ؛ لئلا يرتادها من غير صلاة .
7. يُسَن للرجال المبادرة إلى الصَّف الأول , فهو أفضل الصفوف , وللنِّساء أفضلها آخرها .
لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال:
" خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا"
رواه مسلم برقم (440)
خيرها , أي: أكثرها ثواباً وفضلاً ، وشرها , أي: أقلّها ثواباً وفضلاً.
وهذا الحديث فيما إذا صلَّى الرجال والنَّساء جماعة , وليس بينهما حائل من جدار ونحوه , فتكون خير صفوف النساء آخرها ؛ لأنه أسترُ لهنَّ عن أعين الرجال ، وأمَّا إذا كان بينهما حائل كجدار ونحوه , أو كما يكون في كثير من مساجدنا اليوم بأن يُخصَّص للنساء مُصلَّى مستقل ففي هذه الحالة تكون أفضل صفوف النِّساء أولها ؛ لانتفاء عِلَّة القُرب من الرِّجال ؛ لأنَّ الحكم يدور مع عِلَّته وجوداً وعدما ، ولعموم فضل الصَّف الأول في أحاديثٍ منها:
حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أَنَّ رسول اللّه - صلَّى الله عليه وسلَّم- قال:
" لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّل ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا, وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ - أي : العِشَاء- وَالصُّبْحِ، لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً "
رواه البخاري برقم (615) , رواه مسلم برقم (437) .
8. يُسَنُّ للمأموم أن يكون قريباً من إمامه.
فالأفضل في حقِّ المأموم من حيث اصطفافه للصَّلاة الصف الأول كما تقدَّم, ثُم يحرص أن يكون قريباً من الإمام , فالأقرب من الجهتين اليمنى أو اليسرى هو الأفضل .
ويدلّ عليه : حديث عبد اللّه بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللّه - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
"ليَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلاَمِ وَالنُّهَى"
رواه أبو داود برقم (674) , رواه الترمذي برقم (228)
فقوله : " ليَلِنِي " أي : ليقترب مني , وفي هذا دليل على أنَّ القرب من الإمام مطلوب في أي جهة كان
المقالات ذات الصلة
مقالات وموضوعات متنوعة

سُنَن فيما يراه النائم
ما يراه النائم لا يخلو من ثلاث أحوال جاءت في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم: 1- رؤيا تحزين, وهي من الشيطان, ولن تضر العبد إذا امتثل آدابها وستأتي. 2- أن يرى ما حدث به نفسه قبل نومه, فليست بشيء.
سُنَن في الصَّلاة
للصلاة سُنَن عديدة , نذكر منها ما يلي : أ/ السترة , ويُسَنُّ فيها ما يلي : 1. يُسَنُّ اتخاذ السترة . والسترة سُنَّة للإمام والمنفرد , وأمَّا المأموم فسترة الإمام سترة له , فاتخاذ السترة سُنَّة .
الدُّعـاء
بيان ما يُسَنُّ للمسلم فعله إذا أراد أن يدعو , فمِـن السُّـنَن : أ/ أن يدعو وهو على طهارة . لحديث أبي موسى - رضي الله عنه - في الصحيحين , وقصته مع عَمِّه أبي عامر - رضي الله عنه - , حين بعثه النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - على جيش أوطاس , وفي الحديث : قُتل أبو عامر - رضي الله عنه - , وأوصى أبا موسى - رضي الله عنه - أن يُقرئ النَّبيَّ - صلَّى...
وقت أذكار المساء
الأظهر- والله أعلم - : أنه يبدأ بعد العصر إلى غروب الشمس, ولا بأس أن يقولها بعد غروب الشمس, لاسيما إن كان تركه لها لعذر, ولأنَّ ما بعد غروب الشمس يُسمَّى (مساءً ), ولأنَّه يحصِّل بذلك فضيلة الذكر, وبركته, وهذا أفضل من تركها, وغفلته, في بقيَّة يومه.
أثناء القيام يُسَنُّ ما يلي
1. رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام . لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - :" أَنَّ رَسُولَ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يَرْفَعُ يديه حَذْوَ مَنكِبيهِ إذا افتَتحَ الصلاةَ ، وإذا كَبَّرَ للرُّكوعِ ، وإذا رَفعَ رأْسَهُ منَ الرُّكوعِ رفَعَهما أَيضاً وقال: "سَمعَ اللّهُ لمن حَمِده ربَّنا ولكَ الحمدُ"، وكان لا يَفعلُ ذلكَ في...
من السُّنَن في التشهد
1. يُسَنّ أن يفترش المصلِّي رجله اليسرى في التشهد , وينصب اليمنى. وهذه الصِّفة يفعلها المصلِّي بعدما يُصلِّي الثانية بركوعها , وسجودها , وقيامها , وقعودها ، سواء كان في صلاة رباعية , أو ثلاثية , أو ثنائية , فأي ركعة ثانية في الجلوس في تشهدها تكون على هذه الصِّفة ؛ لحديث أبي حميد السَّاعدي - رضي الله عنه - مرفوعاً, وفيه : " فَإِذَا جَ...