"قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ الدَّجَّالِ حَدِيثًا مَا حَدَّثَهُ نَبِيٌّ قَوْمَهُ: إِنَّهُ أَعْوَرُ؛ وَإِنَّهُ يَجِيءُ مَعَهُ مِثْلُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَالَّتِي يَقُولُ إِنَّهَا الْجَنَّةُ هِيَ النَّارُ، وَإِنِّي أَنْذَرْتُكُمْ بِهِ كَمَا أَنْذَرَ بِهِ نُوحٌ قَوْمَهُ".
بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا - الدجال و الدابة
وأما الدجال – فلعنة الله عليه – سيظهر آخر الزمان، واسمه المسيح – بالحاء لا بالخاء – وهو أعور العين رويت فيه جملة من الأحاديث.
منها ما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
وقد ذكرت في مقدمة هذه الوصية ما قاله الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شأنه، وهو فتنة للناس كان النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستعيذ منه في صلاته، فيقول في آخر تشهده الثاني في دعائه: "وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِير".
وأما الدابة التي تخرج آخر الزمان فتكلم الناس، فقد جاء ذكرها في القرآن الكريم، قال تعالى:
{ وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ }
(سورة النمل: 82).
وقد روى مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده وأصحاب السنن
عن حذيفة بن أسيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَرَوْا عَشْرَ آيَاتٍ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدُّخَانُ، الدَّابَّةِ، وَخُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَخُرُوجُ الدَّجَّالُ، وَخُرُوجُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ وَثَلَاثَةُ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ تَسُوقُ النَّاسَ، أَوْ تَحْشُرُ النَّاسَ، تَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا".
والدابة التي تخرج في آخر الزمان هي دابة حيوانية على خلاف ما نعرفه توبخ الكافر على كفره.
وقيل: هي ليست دابة واحدة ولكنها أنواع من الدواب، لا يعلم عددها إلا الله، فهي اسم جنس لنوع مخصوص من الدواب التي ترسل من الله لتعذيب من طغى وتكبر، كما تقول: "أرسل الله على أرض فلان دودة أتلفت زرعه" أي ديداناً كثيرة من نوع واحد مخصوص.
قال القاسمي في تفسيره: (وقد روى فيها أحاديث وآثار كثيرة، لم يصحح البخاري منها شيئاً، لاضطراب متونها وضعف رجالها.
وأمثل مأثورها ما أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً:
"إِنَّ أَوَّلُ الْآيَاتِ خُرُوجاً طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى وَأَيُّتهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صاحبتها، فَالْأُخْرَى عَلَى إثرها قَرِيباً".
وقد تقدم هذا الحديث في أوائل شرح هذه الوصية.
المقالات ذات الصلة
مقالات وموضوعات متنوعة

إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا
واعلم أن صفات الله تعالى من باب الأفعال لا من باب الانفعال، فيجب أن تؤول هذه الصفات بما يناسب ذاته العلية من التنزيه عن المماثلة. وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا" أي على وجه الخصوص، وإلا فإن الله يرضى لنا ما فيه سعادتنا في الدنيا والآخرة وهو كثير لا يحصى، فالإيمان بضع وسبعون شعبة، تحت كل شعبة من الخص...
عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ
كان أصحاب النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا سيما المقربون منهم – من أشد الناس حرصاً على حضور الصلاة في المسجد وتأديتها بخشوع وخضوع خلف الرسول صلوات الله وسلامه عليه، فإذا أقيمت الصلاة هرعوا إليها متسابقين، فنهاهم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك، لأن الصلاة إنما تقوم على الخشوع، والخضوع يتطلب استعداداً مسبقاً يتمثل في...
حُكْمِ اللُّقَطَةِ
كان أصحاب النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتقون الشبهات كلها: صغيرها وكبيرها، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً؛ وذلك استبراء لأعراضهم وصيانة لدينهم وحرماتهم عند الله. فإذا شكل عليهم أمر ترددوا فيه بين الحل والحرمة واستفتوا فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيفتيهم كما علمه ربه عز وجل.
جِئْتُ أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَتَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ
كانت الهجرة من مكة إلى المدينة واجبة على كل مسلم قادر على نفقاتها وتبعاتها، فقد فتح الله بابها بعد بيعة العقبة الثانية للأنصار، وذلك بعد البعثة بثلاث عشرة سنة تقريباً، ولم يغلق بابها إلا بعد فتح مكة حين قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ". وقد بايعه الأنصار على أن ينصروه...
أَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ
الاسم دليل على صاحبه؛ فهو يسمو به ويحدده فيعرف به إذا ما ذكر. والاسم الحسن يحمل لصاحبه ولمن يسمع ذكره فألا حسناً، ويبعث في نفسه نشوة يستعذبها ويسر بها. والاسم القبيح على الضد من ذلك، وله على النفس آثار سيئة، فربما يتعقد الطفل منه حين ينادي به فيتوارى من الناس خجلاً، أو يعتزلهم فيصاب بعقدة الانطواء، وتلازمه هذه العقدة طول حياته.
فُكُّوا الْعَانِيَ
دين يدعو إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، ويحض على إطعام المساكين وتنفيس الكرب عن المكروبين، ومواساة المرضى ومن في حكمهم من البائسين والمحرومين.وهذه الوصية من مئات الوصايا التي تعبر عن سماحة هذا الدين حتى مع أعدائه؛ لأنه دين لا يعادي من يعديه، ولكن يكتفي برد عدوانه عن معتنقيه، ويتشوف إلى الإسلام متى وجد سبيلاً إليه، ويجب كل ذنب اقترفه الكافر إذا أسل...